RSS

11/07/2009

خواطر هاربة من مذكرة 2002

و أنا أفترش أشيائي الحميمية القديمة اذ بي أعثر على قصاصات هاربة من مذكرتي الموصدة منذ زمن البعيد.و قد دونت فيها ما يلي:
2Studying
 2 أفريل

سماء غائمة،زخات من غيث بارد..
في هذا الوقت قوات العدو الصهيوني تغزو الأراضي الفلسطينية الخاضعة للحكم الذاتي. تحاصر الرئيس ياسر عرفات ، و تجتاح المدن مخلفة قتلى و جرحى و المئات من المنكوبين.
وسط هذا الزخم  تنتفض الشعوب العربية في مسيرات حاشدة، بينما تقف حكوماتها في برجها العاجي تتفرج و في أحاين كثيرة تقمع هذا الغضب لشرف الأمة.. الكل يصيح واقدساه.

3 أفريل
بعض الصحو في سماء المدينة، ريح باردة و غبار يخنق الأنفاس.
و مع كلّ هذا الضجيج، عويل في الأعماق ينعي أرواحنا الزكية المسافرة الآن على محامل الشهادة و المجد.
فلسطين الحبيبة تئن، تستصرخ نخوة العربي المجمدة في ثلاجات الخنوع و القهر.
شارون يصنع لنفسه الآن مجدا.. يكتب بدم المنتفضين الشجعان تاريخه الممتد في أعماق الإجرام و المجازر. ينحت لنفسه تمثالا بالجماجم الصغيرة.
الكلّ يتفرج بفم مفتوح دهشة و غباءا.
كلنا مجرمون بصمتنا العبثي.

4 أفريل
مطر..مطر ثم مطر.. رحمة من العلي الرحيم تبعث الحياة في هاته الأ{ض المعطاء. و في هذا الزمن  مطر آخر يمسد أرض فلسطين فيحيلها بركا  تحتجز دم أبنائها النازفة المعتقة بعبق الحرية و المجد. دماء ترسبت و رست في قاع التاريخ و في كلّ قلب أبيّ غيور على شرفه و كرامته.. دم زعزع حتى و هو متخثر على الأ{صفة جحافل أجبن جيش في العالم، وهزّ عروشا واهية.
التاريخ يسجل بالأحمر القاني سموك يا شهيد و حقارتنا نحن النيام في الحفر العفنة.

5 أفريل
الجو بارد رغم أشعة الشمس البراقة و نقاء الأثير بعد أيام غيث و رحمة..
الجو البارد يقرض أبدان أبنائك يا أرضنا الجبيبة، ياروحنا الساكنة في القفص في القهر، يا عزنا المردوم في حفر الخنوع.
الجو بارد رغم لهيب القنابل و رصاص القناصة المتربصين. رغم الحر الموت السارح في الأزقة و الخيام يقطف رودنا الفتية.
الجو بارد و قلبك يا أخي المرابط على الأرصفة المحاصرة دافئ بوهج قضيتك، بصدق ثورتك و ايمانك ، بأدعية والدتك القلقة تترقب خلف النوافذ.
الجو الآن بارد، لكن عمى قريب سينتشر الدفء في الربوع محملا بعبق الحرية.

6 أفريل
الكل في الخارج.. الكل يصيح، ينتفض، يلعن، يشجب، يمزق و يحرق راية المحتل..
الكلّ في الخارج يتظاهر غضبا لك يا طفلنا الملثم بأكاليل الشهادة..
الكلّ يعلنها لعنة تاريخية على الخنوع العمالة..
الكلّ في الخارج يرفع لافتات التنديد بالصمت المعلن..
الكل ّ يلتهب شوقا للمشي في طريقك يا أخي يا مرابط، يا نفسنا الأبية..
الكلّ في الشمس الحارقة وسط الغازات المسيلة للدموع يقف اجلالا لبطولتك الأسطورية..
الكلّ ينتفض حسرة على عجزه، على آلام يده المبتورة..
الكل أرامل..
آه، يا بطل.. شهادتك قنابل عنقودية تنثر أشلاءنا في مزابل التاريخ و تمحو وجودنا في دفاتر الجغرافيا..
لم يبق لنا غير جمر الكمد نصطلي بحريقه..
لم يبق لنا غير المقابر تستر عوراتنا المكشوفة للعالم..
آه و آه يابطل.. لعنتك انضافت للعنة من سبقوك من شرفاء أمتنا..
الماضي الحيّ يبزق صديدا في وجه حاضرنا الميت، حاضرنا المقبور..

8 أفريل
جفت الأصوات و أصابتها بحة..
جفت العيون و احرقتها الغازات السامة..
توقف النفس في الصدور و لم تتحرك النخوة مترا.. محركاتها الصدئة لم تعد تهضم البنزين المتقد، عادت غير متفجرة منذ زمن بعيد.. قطع غيارها لم تصنع بعد.. المتوفر صدء هو كذلك..
لا فائدة..
الآن و بعد الآن سنقرأ القرآن و نقرع أجراس الجنائز، فقد عم الصمت أروقتنا المظلمة.

0 commentaires: