RSS

5/05/2010

حالة منفى

 
صمت التماثيل البابلية يحيطك بسره ذو الأسلاك الهلامية الشائكة.
و أنت في منفاك الجليدي جالس القرفصاء تسرح شعر عزلتك العنكبوتي.
تحاور ظلك المتكوم في الظلمة كالكتابات المهربة.
تنقش أنفاسك المتبقية على صخر كهف الرقيم.
كل ما حولك كتلة من سديم مقرف.
عبق المسير القديم مقرف.
حتى الكتابة لم تعد متعة في هذا الوطن الموصد.
حولك أمان و أمال معلقة في مشانق صدئة.
أينما حولت بصرك لا ترى إلا المشانق تطارد فراشاتك اللؤلئية.
لم تعد علبك محشوة بالصحو المتفتق بالبريق.
عادت تنزف بالفراغ و تهريج الموتى.
البارحة شيعت أيقوناتك و كفنتها بالحنين.
و انزلقت بعيدا قبل أن يحل هذا الحريق..
هذا المنفى
هذا الجليد.
--------------------
*- لوحة فنية للنحات الكويتي سامي محمد

5/04/2010

حوار حميمي مع المسرحي قناد محمد

default

أجرى الحوار محمد أربوز

إن الحديث عن المسرح و تاريخ ازدهاره بمدينة الحاجة مغنية يقودنا مباشرة إلى الحديث عن شخصية المسرحي البارز محمد قناد. هذا الممثل البسيط في مظهره و معاشه الغني بموهبته و طموحه. جمعتنا به جلسة حميمية في مقهى الوداد و حول كؤوس البراس المميزة فكان لنا معه هذا الحديث الطريف.

خواطر عابرة: أعتقد أنني لن أكون مخطئا إذ اعتبرت أن العودة بك عبر دهاليز الذاكرة تؤجج بداخلك حنينا مميزا للخشبة و عوالمها.
محمد قناد: هذا صحيح فالعودة إلى الوراء هي في الحقيقة عودة إلى الحياة و نشوة الحلم و الطموح ، إلى متعة الخشبة.
خواطر: إذا فالإمساك بأول خيط يحيلنا حتما للبداية.
قناد: أجل وكان ذلك سنة 1967 وقت تم اكتشافي للذة التمثيل على الخشبة و ذلك ضمن فوج المحبوبة في الكشافة الإسلامية. و إن لم تخني الذاكرة كانت مسرحية آه الثورة أول مسرحية مثلتها و شاركت بها في مهرجان تلمسان للمسرح الكشفي. و بعد انضمام الكشافة الإسلامية لوزارة الشباب و الرياضة مع مطلع السبعينات اقتصر مجهودنا على أنجاز سكاتشات بسيطة و مسرحيات تتمحور موضوعاتها حول إنجازات الفترة و المتمثلة في إنجازات الثورة الزراعية و الصناعية.
خواطر: و كيف كانت انطلاقتكم الفعلية:
قناد: الحق أقول أني لم أع المعنى الحقيقي للمسرح إلا مع قدوم الزميل بوعيشة مصطفى صاحب التجربة الطويلة و الثقافة الواسعة. إذ لقننا الطريقة المثلى للعب الأدوار بأكثر دقة و حيوية. فلم يعد التمثيل مجرد إلقاء أحرف بل عاد انغماسا كليا في الشخصية. كما أن التمثيل الجماعي حل مكان الفردي، فالمسرحية لم تعد قائمة على البطل الفرد و الممثل عاد يتقمص عدة أدوار في المسرحية الواحدة مع إدخال الطبل و اشراك الجمهور في البطولة.
خواطر:الأحداث الهامة في مسيرتكم الفنية أكيد هي مرتبطة بمواعيد تاريخية.
قناد: أكيد. ففي سنة 1976 أحرزنا على تأشيرة المرور للمهرجان الوطني للهواة بمستغانم  بمسرحية الأمنية التي ألفها الزميل العايدي عبد الله و أخرجها بوعيشة .
و في السنة الموالية أنشأت فرقة ابن الشعب لأقل من 14 سنة للمشاركة في المهرجان الكشفي المقام بالعاصمة و قد شاركت فيه ستة عشر ولاية اجتمعت في مخيم ضخم بشاطئ سيدي فرج و قد وفقنا الله في اجتياز المراحل التصفوية و الحصول على المرتبة الأولى فبل مسرح سيدي بلعباس. فنلنا إجازة شهر في الاتحاد السوفيتي سابقا.

خواطر: إذن مرحلة السبعينات كانت زاهرة .
قناد: أجل فالكل كان يعرف ما لفرق الحاجة مغنية من قوة في الأداء و النص و الإخراج.

خواطر: و هذا مع الأسف ما تلاشى في أيامنا هذه؟
قناد مع الأسف الشديد . لكن الانحدار الفعلي للمسرح يعود لسنة 1981بعد إخفاق المهرجان الجهوي للمسرح الهاوي الذي أقيم بعد جهد جهيد في مدينتنا و ذلك بسبب مقاطعة الجمهور للعروض المسرحية احتجاجا على قرار إلغاء عرض مسرحيتنا المبرمجة – السوسة- لكونها كانت تعالج ظاهرة الطرابندو.
و من تم بدأت المشاكل في تلاحق خاصة المشكل المادي حتى تم حل الفرقة و ذلك بعد آخر مسرحية- زيارة مبروكة- سنة 1984.

خواطر: في رأيكم إلى ماذا يمكن إرجاع ذلك؟
قناد الأسباب عديدة و متنوعة لكن الأكيد يرجع إلى سياسة التسيير و المصاعب المادية و المشاكل الشخصية الناتجة عن تدهور المعيشة.

خواطر: هل من محاولات لإنعاش المسرح من جديد؟
قناد : أعتقد أنه مادمت المواهب تولد و حب الفن ينتعش فالأمل موجود. و لهذا أنشأت منذ سنة فرقة شبابية هدفها إعادت الاعتبار لمسرح الحاجة مغنية على الرغم من أن المشكل المادي لا يزال مطروحا.

خواطر: و عن المسرح الجزائري بصفة عامة .
قناد : عبارة واحدة اعتقد أنها كافية لوصف حالته. إنه في أزمة شأنه شأن جمع الميادين الثقافية الأخرى. و أضيف و أقول لا يمكن للحركة المسرحية أن تعود إلى سابق عهدها مادام التهميش المقصود للفنان المسرحي مستمر و مادام تم الاستغناء عن قاعات المسارح لتتحول إلى متاجر لبيع البيتزا.